لاأحدمن بني البشر, لم ينتظر شيئا ما. قد ينال هذا الشيء وقد لا يناله.. هوعدا كان أو شيئا ماديا أو معنويا. وفي كل حالة انتظار, نجد لها زمانا خاصا بها, ربما يختلف عن ذلك الزمان الذي نحسبه بالساعات والدقائق.. وربما الايام والشهور والسنين. الا انتظار الحبيب!! مسألة تختلف من زمانها وحسابها وملابساتها عن أي مسألة أخري. ان هذا الاختلاف في ذلك الانتظار نابع من الحب ذاته, فالحب خروج عن القوانين المألوفة وعن القواعد المعروفة. لذلك كان كل ما له صلة به, بعيدا عن المفاهيم السائدة, له قوانينه الخاصة وأنظمته المختلفة.
نحن نحسب أشياء كثيرة بالقرون... مثل حضارات المجتمع.. وتطورات الدول.. ونحسب أشياء أخري بالسنين, مثل الاعمار والدراسة. ونحسب غيرها بالشهور مثل فصول السنة وموعد القران والزفاف... ويظل الزمان يتصاعد ويتضاءل حتي يصل إلي الدقيقة والثانية.. ونبضة القلب وزفرة الصدر حين ننتظر لقاء الحبيب!! والمدهش أننا في انتظارالحبيب تثقل أقدام الزمن.. كأنه يدهس القلوب في قسوة.. أو يغوص في الافئدة بعنف..!! وحين يقترب الموعد المحدد. يتغير كل شيء في الانسان.. فلا الزمان هو الزمان.. ولا المكان هو المكان.. ولا نبض القلب هو النبض!! تتحول الدقائق إلي ساعات.. وتستطيل الثواني.. وتنغرس عقارب الساعة في عمق القلب.. تجرح وتدمي.. والخوف القاتل يشطر الفؤاد نصفين بين أمل الحضور.. وألم الغياب... حتي المكان... يظل متحركا هو الآخر ببطء.. يضيق ويضيق.. وتضيع الأمكنة في ثنايا الأزمنة.. ويتحول الزمان والمكان إلي سن حاد لرمح قاتل... يبرز منه شروع في إخفاق.. وذهول من انسحاق!! وحين تمضي لحظة الاتفاق ««علي»» اللقاء دون أن تبزغ شمس الحبيب.. تتحول عقارب الساعة إلي نصال حادة, تمزق الروح والقلب والفؤاد والجسد جميعا!!
وثمة نشيج في عمق القلب لا نسمعه.. لكننا نحسه, فتتأبي الدموع عن العين, ويبقي القلب منتحبا وحده لا يرسل اشاراته إلي العين!! لايزال متعلقا بأمل اللقاء عوضا عن ألم الانتظار... وحين يمضي الوقت يحفر في القلب نهرا من ألم, تغرق فيه رؤي اللقاء وأحلام الوصال.. لكنه يبحث في الزحام عن ذلك الأمل النائه.. تتعلق عيونه بالناس يتمزق قلبه ما بين أمل وشجون وشبك باللقاء ما بين يأس قاتل تنفذ رماحه إلي الفؤاد. ويطول الانتظار.. ويعز الاصطبار.. ويضرب أخماسا في أسداس.. ويتلمس المعاذير واحدا وراء الآخر. آه!! ربما كان الطريق مزدحما فلم يتمكن من الحضور في الميعاد!! نعم ربما!! كلا.. ربما لم يتمكن من الخروج من بيته!! نعم ربما!! وإلي أقرب هاتف يتجه ويرتجف!! يعتريه خوف مذهل!! يخشي أن يجد الحبيب في البيت غير عابيء بالميعاد!! ويخشي أن لا يجد الحبيب في البيت فلا يدرك لذلك معني ولا مغزي!!